الليلة‏ تدق الأجراس فرحا بميلاد المسيح‏

يحتفل اليوم الأقباط الأرثوذكس في مصر بعيد ميلاد المسيح ,‏ هذا اليوم الذي أصبح عيدا وإجازة رسمية.





لكل المصريين علي السواء يتبادل فيه الجميع التهاني والزيارات. احتفالا بهذه المناسبة المجيدة مثلما يحدث في أعياد المسلمين‏.‏ وغدا تتزين الكنائس بالشموع والأنوار وأغصان الأشجار‏,‏ ويغني الجميع ترانيم عيد الميلاد‏,‏ ويستمعون لآيات الإنجيل‏,‏ ويتكلم القساوسة مع الناس عن المسيح والمحبة والسلام والتفاهم والأخوة في الوطن‏..‏ ويرتدي الأخوة المسيحيون اللون الأخضر الذي يمثل الإيمان في الحياة الأبدية واللون الأحمر الذي يرمز إلي دم الميلاد‏.‏ ولهذا اليوم طقوس بحسب الموروث الديني المسيحي تتمثل في قرع الأجراس فرحا‏,‏ وتغليف الهدايا‏,‏ وإدخال البهجة والسعادة إلي نفوس المحتاجين‏,‏ وتجميع الأسر في بيت العائلة‏,‏ وتتكون الوليمة الرئيسية في كل البيوت تقريبا من الفتة والشوربة والبيض المسلوق‏,‏ ويتم عمل كعك العيد وتوزيعه علي الجيران المسلمين والمسيحيين‏,‏ وذهاب آلاف المواطنين برفقة أسرهم وأطفالهم لحضور ومتابعة الطقوس الكهنوتية لهذه الليلة‏.‏
ففي الساعة الثانية عشرة بعد منتصف ليل اليوم‏,‏ تدق الأجراس في مختلف محافظات مصر احتفالا وفرحا بميلاد يسوع‏..‏ تدق الأجراس لتعلن عن بدء عام جديد‏..‏ تدق الأجراس لتقول للعالم أجمع إن مصر بلد آمن‏.‏
وفي السطور التالية نعرض لأهم مظاهر الاحتفال بعيد ميلاد المسيح في الكنائس والبيوت‏,‏ ونعرض بعض المواقع الإلكترونية التي تزينت احتفالا بهذه المناسبة‏,‏ بالإضافة إلي عرض الطقوس الخاصة للاخوة المسيحيين في هذا اليوم‏.‏
اختلاف التوقيت
تقول موسوعة ويكيبيديا الألكترونية إن تسمية وموعد الاحتفال بعيد الميلاد تختلف في الغرب عن الشرق‏,‏ ففي الغرب يسمي ميلاد المسيح كريسماس‏,‏ ويتم الاحتفال به يوم‏25‏ ديسمبر‏,‏ أما في الشرق خاصة في مصر الكنيسة القبطية الأرثوذكسية فيسمي ذكري ميلاد المسيح‏,‏ وهو يأتي بعد صيام أربعين يوما‏,‏ ويحتفل به يوم‏29‏ كيهك الموافق‏7‏ يناير من كل عام‏.‏
وفي مصر المملوكية كان الاحتفال بميلاد المسيح يعتبر من أكبر أعياد مصر كلها‏,‏ حيث تتزين فيه الكنائس‏,‏ ويقوم السلاطين بتوزيع الحلوي والجلاب والزلابيا والسمك البوري والهدايا‏.‏
وكانت تقام الاحتفالات والألعاب النارية في جميع الأماكن بغض النظر عن الديانة‏,‏ كما كان الناس يشترون الشمع الملون والفوانيس الجميلة التي يتم تعليقها علي الدكاكين وفي الأسواق‏.‏
كما كان الاحتفال بعيد ميلاد المسيح في مصر يرتبط ارتباطا وثيقا بالحب المتبادل بين الناس والعطف علي الفقراء‏.‏
مظاهر الاحتفال
أيضا من أبرز مظاهر الاحتفال بالعيد تزيين أشجار عيد الميلاد وإرسال بطاقات التهنئة‏,‏ وتبادل الهدايا بين الأقارب والأصدقاء‏,‏ وفي ليلة عيد الميلاد يذهب المسيحيون إلي الكنيسة‏,‏ وينتهي قداس عيد الميلاد في منتصف الليل مع دق الأجراس‏.‏
كما تقوم الكنائس بعرض لوحة ميلاد المسيح‏,‏ صور العائلة المقدسة المسيح‏,‏ ومريم‏,‏ ويوسف النجار‏,‏ كما تزين الكنائس بالشموع والأنوار وأغصان الأشجار الخضراء و البوينسيتيا الحمراء الفاتحة‏,‏ ويغني الناس ترانيم عيد الميلاد‏,‏ ويستمعون لآيات الإنجيل‏,‏ ويتكلم القساوسة مع الناس عن المسيح والحاجة للسلام والتفاهم‏.‏
وتوجد أماكن خاصة بتصنيع زينة عيد الميلاد والأدوار والديكورات‏,‏ وزراعة أشجار عيد الميلاد‏,‏ وقد يستعاض عنها بالأشجار الصناعية‏,‏ وتعتبر منطقة درب البرابرة بالعتبة من أشهر الأماكن التي يشتري منها المسيحيون لوازم عيد الميلاد‏.‏
وتعتبر شجرة عيد الميلاد جزءا أساسيا من الأحتفال‏,‏ وتزين الشجرة بالحلوي‏,‏ والهدايا‏,‏ وتعلوها نجمة‏,‏ وهي النجمة التي أرشدت الحكماء إلي مكان ميلاد المسيح‏,‏ وهناك لونان أساسيان للاحتفال بعيد الميلاد‏,‏ هما اللون الأخضر والأحمر‏,‏ فيمثل اللون الأخضر استمرار الحياة خلال الشتاء‏,‏ والإيمان المسيحي في الحياة الأبدية‏,‏ واللون الأحمر يرمز إلي دم المسيح‏,‏ وإكليل عيد الميلاد‏.‏
ومن أبرز الأطعمة التي تقدم في عيد الميلاد الديك الرومي‏,‏ والسمك‏,‏ وفطيرة اللحم والفتة والحلوي المعروفة بكعكة الفاكهة وفطيرة القرع وغيرها‏.‏
طقوس وعادات
ولمعرفة طقوس وعادات الاخوة المسيحيين في الاحتفال بعيد ميلاد المسيح عليه السلام كان لابد من الحديث عن قرب مع بعض الاخوة المسيحيين لمعرفة كيفية قضاء هذا اليوم‏,‏ حيث يقول إبراهيم توفيق أنني وأسرتي سنحتفل اليوم بعيد الميلاد لأن المسيح قال في إنجيل لوقا‏10:12(‏ فقال لهم الملاك لا تخافوا فها أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب‏)‏ وأيضا قال البابا شنودة مهما كانت الظروف لابد أن نحتفل بعيد ميلاد السيد المسيح له المجد غدا‏7‏ يناير من كل عام الموافق‏29‏ كيهك بالتقويم القبطي أمتداد للتقويم الفرعوني وشهر كيهك هو شهر التسبيح بكنيستنا القبطية وكما صام موسي النبي‏40‏ يوما ليتسلم الوصايا الإلهية كذلك كنيستنا القبطية تصوم أربعين يوما لاستقبال طفل المذود الكلمة الآلهية‏.‏
ويضيف توفيق أنه في بيوتنا المصرية نبدأ في نهاية فترة الصوم بتزيين شجرة الميلاد أو عمل مذود صغير للميلاد وتتزين البيوت لاستقبال العيد‏.‏ ونبدأ في عمل حلوي العيد‏(‏ كعك وبسكوت‏)‏ وغالبا لا نأكل منها لأننا نقوم بتوزيعها علي الأحباب والجيران وخصوصا الجيران المسلمين‏,‏ كما نقوم بجولة يوم العيد علي الملاجيء لتلبية إحتياجاتهم ثم نبدأ بعد ذلك في شراء الملابس الجديدة والأحذية وغالبا ما يكون هناك مفروشات خاصة تفرش خصيصا للعيد‏.‏
وفي بيتنا القديم الجميل الكائن ببيت أولاد الحاج عبدالحليم‏(7‏ شارع حبيب شلبي بالظاهر‏)‏ يقومون بتنظيف البيت بالكامل خصيصا للعيد وينتظرون علب الكعك والبسكويت التي قمنا بإعدادها وأرسلناها إلي الحاج كامل صاحب الفرن الافرنجي ليتم تسويتها‏.‏
ونترك المنزل لتجهيز وليمة ليلة العيد بعد صيام‏40‏ يوما ونذهب أنا وأبي وأخوتي الي الكنيسة لنحضر أجمل وأبهج ما في ليلة العيد ألا وهو قداس عيد الميلاد المجيد بألحانه المبهجة الرائعة ووسط فرح الجميع بميلاد الطفل يسوع وملابس الكهنة الرائعة وأضواء الشموع التي تعطيك إحساسا بالخشوع والفرح في نفس الوقت وينتهي القداس بعد منتصف الليل ويبدأ المصلون في الخروج من الكنيسة وتهنئة بعضهم البعض ونرجع الي البيت وتبدأ الوليمة التي غالبا ما تضم أصنافا بعينها في كل البيوت تقريبا‏.‏
ويكمل توفيق يوم العيد تتجمع العائلات في البيت الكبير ويتم توزيع العيديات ونبدأ في توزيع علب حلوي العيد علي الجيران‏,‏ فعيد الميلاد في مصر له مذاق خاص كما هو الحال في كل مناسباتنا الدينية المسيحية والإسلامية‏,‏ فشهر رمضان الكريم في مصر ليس له مثيل في أي دولة عربية أو إسلامية‏.‏ وكثير من أقاربنا المهاجرين يفتقدون جدا لجو مصر والحميمية المصرية علي الرغم من وجودهم في دول متقدمة يتمتعون فيها بكل المقومات ولكنهم جميعا بلا استثناء لو سنحت لهم الفرصة لرجعوا جميعا الي مصر‏,‏ عشقا في هذا البلد‏,‏ لأن مصر كما يقولون وطن يعيش فينا‏,‏ ويختم توفيق كلامه المجد لله في الأعالي وعلي الأرض السلام وبالناس المسرة‏.‏
أما مريم ميلاد رزق فتقول أن الاحتفال بعيد الميلاد المجيد يتم في اليوم السابق لـ‏7‏ يناير‏,‏ أي يوم‏6‏ يناير‏,‏ حيث تختلف بعض الترتيبات من فرد لآخر ومن أسرة لأخري‏,‏ ولكن تجتمع في النهاية علي استعداد الأطفال والشباب في تحضير الملابس الجديدة والخاصة بهم لحضور قداس ليلة العيد‏,‏ فهذا هو الاحتفال الرسمي من الكنيسة‏.‏
وتضيف مريم أنه بعد انتهاء صلوات القداس الساعة الثانية عشرة مساء‏,‏ يذهب الجميع الي منازلهم كي يتناولوا العشاء الفاخر المعد من فترة الظهيرة بعد الصيام‏,‏ ويجتمع كل أفراد الأسرة‏,‏ كبارا وصغارا‏,‏ وأحفادا وخالات وعمات‏,‏ وغالبا ما يكون بيت العائلة الكبيرة هو الأكثر تجمعا في مثل هذه المناسبات‏.‏
وتكمل مريم أن الاحتفال بالعيد داخل الأسرة يختلف من مكان الي مكان‏,‏ فنجد الأسر المتوسطة تكون فرحتها بالعيد عن طريق تعليق الستائر وفرش السجاد بعد غسله في اليوم السابق ليوم عيد الميلاد‏,‏ وفي صباح يوم العيد يتبادل الجميع الزيارات وتوزيع الهدايا وإهداء الجيران بكل ما لذ وطاب‏,‏ وما تم صنعه قبل العيد بأسبوع‏.‏
وغالبا هذا ما يتم عند أغلب الأسر المسيحية وطقوسهم للاحتفال بالعيد‏,‏ كما يتم تبادل الرسائل القصيرة عبر التليفونات المحمولة‏,‏ وأيضا تبادل باقات الورود التي تزيد بهجة اليومين التاليين‏.‏
ولكن جيهان نصيف‏,‏ تقول إن احتفالها هذا العام سيقتصر علي الجانب الديني فقط حزنا علي أخواتها في حادث الإسكندرية‏,‏ ولن يكون هناك مظاهر خارجية في احتفالها‏,‏ ولكنها ستذهب الي الكنيسة وستصلي وستقيم الشعائر الدينية كما تعودت في مثل هذا اليوم‏.‏
ذكري الصديق
أجمعت كل الكنائس المصرية علي أن الاحتفال بعيد ميلاد المسيح اليوم مثل كل عام لن يتغير فيه شئ‏,‏ لأن ذكري ميلاد المسيح تدوم الي الأبد‏,‏ حيث يقول القس يوسف نظير راعي كنيسة الأنبا انطونيوس بشبرا‏:‏ إن الاحتفال بعيد ميلاد السيد المسيح عليه السلام ضرورة لا تلغيها أي ظروف أو أحداث مهما كانت‏,‏ لذلك تحتفل اليوم كنيسة الأنبا انطونيوس بشبرا بالعيد كما هو معتاد‏,‏ حيث يبدأ الاحتفال مساء اليوم في الساعة السابعة ليلا وحتي الساعة الثانية عشرة بعد منتصف الليل بإقامة القداس وعظة القداس هدفها بناء الإنسان روحيا ونفسيا وجسديا‏.‏
ويضيف إننا نقدم جزيل الشكر للرئيس مبارك علي تقديمه التهاني لنا بمناسبة عيد الميلاد‏,‏ تلك التهاني التي جعلتنا جميعا نتخطي ما حدث في محافظة الإسكندرية ونحتفل بالعيد كما تعودنا كل عام‏,‏ كما أننا نشكر كل أخواننا المسلمين الذين يحضرون الي الكنيسة لتقديم التهاني التي تدل علي أننا شعب واحد يعيش في وطن واحد‏.‏
أما القمص بولس متري كاهن كنيسة الشهيد العظيم مار جرجس بدشنا في محافظة قنا فيقول‏:‏ إن ذكري الصديق تدوم الي الأبد‏,‏ وهذه المقولة توضح تمسكنا بالاحتفال بعيد ميلاد السيد المسيح رغم ما حدث في الإسكندرية‏,‏ وبالفعل سيبدأ الاحتفال في الساعة الخامسة من مساء اليوم ويستمر حتي الساعة الواحدة صباحا‏,‏ ونقوم بأداء الصلوات داخل الكنيسة من أجل أن يحفظ الله مصر من الفتن ومن التفرقة ومن التدخلات الخارجية ونتحدث مع الناس عن ميلاد المسيح الذي يمثل رحمة ومحبة ومغفرة لنا جميعا‏.‏
ويضيف القمص بولس أن اليوم تستقبل الكنيسة المهنئين من أعضاء مجلسي الشعب الشوري‏,‏ ورجال الشرطة وكبار العائلات في مدينة دشنا‏,‏ ويتم توزيع المشروبات والحلوي عليهم‏,‏ كما يتم توزيع الشيكولاته وصورة عيد الميلاد علي جميع الأطفال لكي يشعروا بالبهجة والسرور في هذا اليوم‏.‏
ويقول القمص برسوم حلمي راعي كاتدرائية الشهيد العظيم ماري جرجس بالجيزة‏:‏ إننا سنحتفل اليوم بعيد ميلاد السيد المسيح مثل كل عام‏,‏ لأن رسالة المسيح هي رسالة محبة وسلام للعالم أجمع‏,‏ ولذلك نقوم بالصلاة في الكنيسة اليوم ليلا من أجل جميع الناس‏,‏ ومن أجل رئيس الجمهورية‏,‏ ومن أجل رئيس الوزراء‏,‏ والبابا شنودة وشيخ الأزهر‏,‏ ومن أجل جموع الناس المسلمين والمسيحيين‏,‏ ومن أجل أن يخرج الشيطان من بيننا ومن مصر‏,‏ ومن أجل أن يحفظ الله أمن وسلامة هذا البلد‏,‏ ونطلب من ملك السلام أن يعطينا سلاما وأمنا في هذا البلد‏.‏
ويضيف القمص برسوم أنه يتم في هذا اليوم ـ الذي يجب أن يكون يوم بهجة لجميع الناس علي اختلاف وضعهم الاجتماعي وبالأخص الناس المحتاجين ـ توزيع الهدايا والكساء عليهم لكي يشعروا باهتمام الله بهم ويشعروا ببهجة العيد‏.‏
مواقع تحتفل بالمسيح
ومن جانب آخر تزين العديد من المواقع الإلكترونية علي شبكة الإنترنت للاحتفال بعيد ميلاد السيد المسيح‏,‏ حيث تم تصميم عشرات الجروبات علي شبكة الفيس بوك لهذه المناسبة‏,‏ ومنها جروب يحمل اسم عيد الميلاد مش بابا نويل عيد الميلاد يسوع المسيح ويحتوي الجروب علي آلاف المشتركين الذين يتبادلون التهاني بهذه المناسبة‏.‏ كما تحتوي شبكة الفيس بوك أيضا علي جروب يحمل اسم عيد ميلاد السيد المسيح له كل المجد‏,‏ وأخر يحمل عنوان عيد ميلاد مخلصي وإلهي وسيدي يسوع المسيح‏.‏
ويتم من خلال تلك الجروبات تبادل الهدايا وكروت المعايدة بين المسلمين وأصدقائهم المسيحيين‏,‏ للتعبير عن المشاركة الوجدانية في هذا اليوم الذي يعتبر عيدا لكل المصريين‏,‏ وبالإضافة لذلك تحتوي شبكة الإنترنت علي مئات المواقع الإلكترونية التي تقدم خدمة إرسال كروت المعايدة للإخوة المسيحيين في عيدهم‏.‏